قصه محمد وروان ( رومانسيه جدا ) نظرت إلى الأفق ... و هي تقف في شرفة المنزل .. في ليلة بدراء ... صافية السماء ... و مع نظرانها للبدر و قد اكتمل!! ... و توشح الجمال ... و أنار السماء بأضواء الصفاء !! ... و النجوم قد تلألأت من حوله .. قتارة تشع و تارة نخبو !!.. و تارة خلف السحب تختفي و تارة تظهر !! .
أطلقت روان بصرها في السماء الواسعة .. و مع النظر .. أطلقت العنان لأحلامها الواسعة الكبيرة !!.. إنها فتاة قي مقتبل العمر ... فتاة في ربيع عمرها ..
تخطو نحو مستقبلها ... خطوات الخائف الوجل .. فقدما تقدم ... و أقداما تؤخر !!.. إنها تخاف من المستقبل المجهول !!..
لكنها الآن .. سرحت بفكرها في البعيد ...في زوجها الحبيب " محمد " ... ذلك الشاب الصالح التقي الخلوق !!.. الذي ترتسم الابتسامة على شفتيه ... و يشع نور الهدى من وجنتيه ... و يفيض الحنان و الرحمة من مقلتيه !!..
شاب عرف طريق الهدى فاهتدى ... و تباعد عن طريق المعاصي و الردى ... و قد رأت من نفسها ... أنها تقف كما تقف الآن ... و إذ به يأتي إليها بنور قد طغى على نور البدر ... ثم يقف أمامها ... و يناديها بصوت يشع رقة و حنانا :
" روان " ... يا أجمل نسمة في الوجود ... يا أملا بلا حدود !!.. يا حبا يحطم كل السدود !!.. يا رمزا للوفاء بالعهود !!.. لماذا تنظرين يا حبيبة القلب ... إلى هذا البدر الجميل المنير ؟!!.. أتغارين من جماله ؟!!.. فأنت يا حسناء في عيني الجمال ؟!!..
أتغارين من نوره ؟!!.. فأنت في عيناي الضياء ..؟؟!
أتغارين من بهائه ؟!! .. فأنت في دنياي البهاء !! .. بل أنت الهواء و السناء .. لا أنت في نفسي .. كهذا القمر في السماء !! ..
ثم مد إليها يديه الحانتين الرقيقتين .. فأمسكتهما على الفور .. لتشعر بدفء ساحر ... و سعادة غامرة تتسرب إلى أعماق نفسها .. و كأنها لم تمس يدا .. أنعم و لا أدفأ و لا أرق من يده طوال عمرها !!.. و لم يقطع عليها أفكارها الجميلة ... و الأحاسيس الدافئة .. إلا صوت الزوج الحبيب "محمد" ... و هو يقول لها :
هيا نذهب نستنشق الهواء !!... و ننعم بهذه الليلة البدراء !!...
خرج الزوجان المتحابان ... معا إلى حديقة لمنزل الغناء ... يتنفسان الصعداء .. و يستنشقان أرق النسيم ... و في طريق بادرها زوجها قائلا :
الحمد لله الذي رزقني زوجة مثلك يا " روان " ... فأنت نعمة تستوجب الحمد و الثناء !!..
سار الزوجان يتجاذبان أطراف الحديث و ضحكات الود تعطر الأجواء و في السير استوقفتهما زهرة حمراء ندية بالعطور الشذية قد أطلت بجمالها الخجول من بين أوراق الشجر و كأنها تسترق النظرات لهذا الثنائي الزوجي السعيد المتآلف و تغبطهما على ما يشعران به من سعادة و صفاء !!..
يقطف زوجها بعد ذلك تلك الزهرة الجميلة ... ثم يقدمها قائلا :
هاك زهر حبي و عطر حياتي .... يا كل حياتي !!..
خذي عربون ودادي ... يا أجمل فتاة في بلادي !!..
ثم نظر إليها مبتسما و قال :
روحها روحي و روحي روحها *** و لها قلب و قلبي قلبها
فلنا روح و قلب واحد *** حسبها حسبي و حسبي حسبها
فابتسمت على محيا " روان " ابتسامة خجولة ... ثم نظرت إلى الزهرة و قالت :
بل فداك عمري يا كل عمري .... و زهرتك تلك سأحتضنها في قلبي قبل يدي ...
و سأحفر لها مكانا في أعماق وجداني ..... فيكفي أنها لمست كلتا يديك ...
جلس " محمد و روان " قليلا على الأرض الخضراء .... ثم بادر محمد قائلا :
روان .... يا أنس الزمان !! ... روان ... يا نبع الحنان !!.
روان ... يا بحر الأمان !!. ... روان ... يا أميرة الجنان !!.
روان .... يا وردة تروي العطشان !!.... روان ... يا نسمة تملأ الوجدان !!.
روان .... يا أرق إنســــــــــــــــــــــــــــــــان !!..
أطرقت روان برأسها قليلا ... و قد غلبها الخجل ... و هزتها تلك المشاعر الرقيقة الصادقة ... ثم رفعت رأسها ... و وجهها يبرق كالبدر ليلة تمامه و قالت :
كأنك تريد أن تقول شيئا ... فقل ما تشاء !!... فإني أسمعك بقلبي قبل أذني !!..
قال " محمد " : صديقيني يا "روان " ... يا حبيبة القلب ... لقد احترت ماذا أهديك في هذه الليلة البدراء الجميلة ؟؟!!
هل أهديك ذهبا و أساور ؟!! .... لا .!! ... لست أحب القيود في معصميك !!.
هل أهيد وردا متناثرا ؟؟!.. .. لا .!!... فأجمل ورد رأته عيناي في خديك !!..
أم أهديك عسلا ؟؟!! ... لا !!.... لأني لم أعد أتذوق العسل إلا في شفتيك !!.
أم أهديك روحي و نفسي ؟؟!! ...نعم!!.... فإنها ملك يديك !!..
يمسك بيدها مرة أخرى و يعاودان المسير .... و السعادة و الهناء معهما تسير !!..
و تصدمها نسمات الهواء الباردة .... فتشعر هي بشيء من السعال الخفيف ... سعال خفبف من تأثير تلك النسمات ... لكن " محمد " حين سمعها تسعل خاف و اضطرب و قال : مابالك تسعلين ؟؟؟! ... لعل موجة هواء باردة أصابتك ؟!! ... هيا نعود إلى المنزل !!. لأصنع لك كوبا من الشاي الساخن .. لعله أن يدفئك !!. فترد عليه قائلة : لا !!... لا عليك !!.. ما دمت معك فالمخاوف كلهن أمان !!.. فيرفض " محمد " و يصر على الرجوع إلى المنزل !!..
يدخلها المنزل !!.. ثم يجلسها على الأريكة !! .. ثم يضع المدفأة جوارها !!.. ثم يذهب و بحضر لها بطانية ... و يدفئها بحنانه قبل الغطاء ... ثم يصنع لها الشاي الساخن ... و يأتي به إليها .. فتمد يديها لتتناولها منه ... و قد شعرت بالخجل من هذه المعاملة الرائعة الرومانسية التي يعاملها بها زوجها ..
فيقول لها " محمد " مبتسما : و الله لا تشربينه إلا من يدي !!.
ثم يقترب منها ... فيطوق عنقها بذراعيه ... و يضع رأسها على صدره !!.. ثم يسقيها الشاي الساخن بيديه ... و مع كل رشفة ترتشفها " روان " من الشاي!!
يطبع على جبينها قبلة حانية رحيمة !!.. تهز كيانها و وجدانها !!..
و لكن السعال يزداد !!.. و درجة حرارة جسمها ترتفع !!.. و تشعر برغبة في التقيؤ ... فيحملها بين ذراعيه ... و يسندها بعضديه !!.. حتى تصل إلى فراشها .. ثم يغطيها بلحاف ثقيل .. ثم يذهب فيحضر لها من الصيدلية بعض الأدوية و المسكنات ... ثم يسقيها إياها ... و يظل جالسا بجوارها !!..
فتنظر إليه " روان " ... لترى عليه أثر الإرهاق و السهر ... فتطلب منه أن ينام و يرتاح قليلا ... لأأن صحتها بدأت تتحسن !!.. و لكنه يقول لها :
و هل تظنين أن النوم سيأتيني ... و ريحانة قلبي تئن و تتألم ؟!!..